نقل الكهرباء لاسلكيا

نقل الكهرباء لاسلكيا
اعداد- عادل حمود
تمكن علماء أميركيون من معهد ماساسوشيتس للتكنولوجيا في العام 2007 من نقل الكهرباء لاسلكيا لإضاءة مصباح كهربائي قوة 60 واط ، دون أسلاك من مصدر للطاقة يبعد 7 أقدام عنه ما يبشر بإمكانية شحن الأجهزة مستقبلا دون الحاجة إلى توصيلات كهربائية او بطاريات. وأطلق العلماء على التقنية الجديدة تسمية "الكهرباء اللاسلكية او واي تريسيتي.
وحلم إرسال الطاقة لاسلكيا ليس جديدا لكن العلماء استبعدوا استخدام ذلك على نطاق واسع نسبة لفقدان قدر كبير من الطاقة الكهرومغناطيسية بسبب تشتتها في جميع الاتجاهات.
وتفتح التقنية الجدية الباب أمام إجراء المزيد من التجارب للتوسع في استخدام النقل اللاسلكي للطاقة ليتعدى المصباح الكهربائي لشمل أجهزة أخرى مثل الحواسيب والهواتف المحمولة املا في الاستغناء عن بطاريات الشحن ونقل الطاقة لا سلكياً هي عملية تتم داخل أي نظام حيث يتم نقل الطاقة الكهربائية من مصدر قدرة إلى حمل كهربائي من دون وجود أسلاك موصلة.

قوانين سابقة
وكان أندري ماري أمبير قد وضع في عام 1820 قانون أمبير الذي ينص على أن التيار الكهربائي المار في موصل ما يولد مجالاَ مغناطيسياَ حول الموصل ، فيما وضع مايكل فاراداي في العام 1831 قانون فاراداي للحث, أحد القوانين الأساسية للكهرومغناطيسية.
وفي العام 1864 وضع جايمس كلارك ماكسويل نموذجاَ رياضياَ لسلوك الإشعاعات الكهرومغناطيسية جامعاَ بذلك المشاهدات والتجارب والقوانين السابقة المتعلقة بالكهرباء و المغناطيسية و البصريات في نظرية واحدة.
واكد هاينريش رودولف هرتز في العام 1888 وجود الإشعاعات الكهرومغناطيسية. حيث أعتبر جهاز توليد الإشعاعات الكهرومغناطيسية الذي صنعه كأول جهاز أرسال راديوي. بينما قام نيكولا تسلا بتطوير جهاز هرتز في العام 1891 ليقوم بعد ذلك في العام 1893 بعرض يقوم فيه باضاءة مجموعة من مصابيح الاضاءة لاسلكيا. وفي العام 1894 قام تسلا باضاءة مجموعة من الانابيب المفرغة باستخدام الحث الكهروديناميكي.
كل هذه القوانين والتجارب كانت هي الاساس للتجارب العلمية في هذا المضمار والتي انصبت على نقل الكهرباء لا سلكيا.
وفي العام 2007 تمكن فريق بحثي في معهد ماساتشوستس للتقنية نجح في إضاءة مصباح بقدرة 60 وات لاسلكياَ على مسافة مترين وبفاعلية تصل إلى 40 بالمئة.
وبعد قانون فاراداي للحث الكهرومغناطيسي وهو قانون فيزيائي في حقل الكهرومغناطيسية هو الاساس الاولي لهذه التقنية. وبحسب القانون فإن مقدار القوة الدافعة الكهربائية المتولدة في ملف أو موصل تتناسب طرديا مع المعدل الزمني الذي يقطع فيه الموصل لخطوط فيض مغناطيسي. وتعتمد على هذا القانون العديد من الأجهزة الكهربائية أهمها المولد الكهربائي والمحرك الكهربائي.

ويستخدم الحث المغناطيسي المتبادل، المجال المغناطيسي الصادر عن حركة التيار الكهربي عبر الأسلاك في نقل الكهرباء. فكلما تحرك التيار الكهربي عبر السلك، فإنه ينتج حلقات من المجال المغناطيسي حول السلك. وإذا ما تم لف السلك ليشكل ملفاً دائرياً فان هذا سوف يساعد في تكبير قيمة المجال المغناطيسي. وكلما زادت عدد لفات الملف فإن المجال المغناطيسي سيصبح أكبر.
وإذا ما تم وضع ملف آخر في المجال المغناطيسي فسوف يستحث تياراً كهربياً ينشأ في الملف الجديد. وهذه فكرة عمل المحول الكهربائي حيث يسمى الملف الأول بالملف الرئيسي والملف الثاني بالملف الثانوي ، وبهذه الطريقة.
وتنتج الأجهزة المنزلية الكهربائية مجالات مغناطيسية صغيرة نسبياً. ولهذا السبب فإن الشواحن التي تعمل بالنظام المغناطيسي الحثي يجب أن تكون قريبة جداً من الجهاز المراد شحنه. مجال مغناطيسي ذو شدة عالية يمكن أن يقوم بإحداث تيار كهربي حثي على مسافات أبعد، ولكن هذه العملية تكون ذات كفاءة متدنية جداً لأن المجال المغناطيسي سوف ينتشر في كل الاتجاهات في حين جزء صغير منه هو الذي سيستغل لشحن الجهاز، ولإنتاج مجال مغناطيسي كبير بهذه الطريقة سوف يستنفد الكثير من الطاقة.

ففي كانون الثاني 2006 تمكن باحثون من التوصل لطريقة مناسبة لنقل الطاقة بين ملفين يبعدان عدة أمتار عن بعضهما البعض. وقال الفريق العلمي الذي قام بالتجربة إنه يمكن زيادة المسافة بين الملفين لمسافات أبعد إذا ما تم إدخال الرنين في معادلاتهما لإنتاج الطاقة بطريقة لاسلكية.
والرنين ظاهرة فيزيائية تعتمد على التردد ولها تطبيقات كثيرة فمثلاً الرنين هو الذي يجعل جهاز الراديو يستقبل محطة إذاعية محددة دون غيرها، وكذلك الرنين هو الذي يجعل الذرة تمتص تردد موجة كهرومغناطيسية دون غيرها، والرنين يجعل الأجسام تهتز بنفس التردد إذا توافق التردد المؤثر مع التردد الطبيعي للجسم، ولنأخذ مثالاً على الشوكة الرنانة حيث أن لكل شوكة رنانة ترددا طبيعيا محددا فإذا ما تم طرق الشوكة الرنانة، فإنها تهتز مصدرة صوتاً ذا نغمة محددة، فإذا ما وجدت شوكة رنانة أخرى لها نفس التردد الطبيعي للشوكة المهتزة فإنها سوف تستجيب للاهتزازات التي أحدثتها الشوكة الأولى وتهتز معها هذا يسمى رنيناً.
واثبت الباحثون في أن الحث المغناطيسي المزدوج يمكن أن يحدث بشكل مختلف إذا كان المجال الكهرومغناطيسي للملف له تردد يساوي التردد الطبيعي للملف الثانوي. وهذه النظرية تم التحقق منها من خلال تصميم ملف على شكل قوس منحني يعمل عمل الملف، وبتوصيل لوحين معدنيين عند نهاية كل طرف من الملف المنحني يقوم بعمل المكثف الكهربي الذي يحتفظ بالشحنة ويخزنها بين لوحيه. ويكون لهذا الملف تردد رنين معين يحسب من حاصل ضرب حث الملف في سعة المكثف.واكدت الأعمال الأولية لفرق البحث انه بالإمكان أن يتم شحن جميع الأجهزة التي في الغرفة باستخدام محطة شحن لا سلكية واحدة، ومع بعض التعديلات والإضافات الضرورية يمكن زيادة مسافة التأثير لتغطي بناية كاملة أو مدينة. ففي حزيران من العام 1997 نشر فريق بحث من جامعة ام اي تي ورقة علمية تظهر فيها نتائج ناجحة لنموذج عملي لنقل الطاقة لاسلكيا، حيث تمكنوا من إضاءة مصباح كهربي يبعد مسافة مترين عن الملف الكهربي. المصدر .
وطريقة النقل اللاسلكي للكهرباء بواسطة ملفات التأثير الحثي تعمل لمسافات محدودة فقط، ولكن هناك أفكارا واقتراحات لنقل الكهرباء على مسافات واسعة قد تصل لنقل الكهرباء من الفضاء إلى الكرة الأرضية.

طيارة بدون طيار
ففي نهاية القرن التاسع عشر صمم مركز أبحاث الاتصالات الكندية طائرة صغيرة بدون طيار وتزود بالطاقة الكهربية بواسطة شعاع موجه إليها من الأرض. هذه الطائر سميت باسم شارب اختصارا للجملة حيث أن هذه الطائرة كانت معدة بتكون جزء من وحدة الاتصالات وليس للسفر من مكان لآخر. الطائرة شارب كانت تحلق على ارتفاع 21 كيلومترا وتعمل دائرة نصف قطرها 2 كيلومتر والاهم في هذا الموضوع إن الطائرة كانت تستمر في تحليقها لمدة زمنية تصل شهرين.
إن السر في سبب تحليق الطائرة شارب كل هذه المدة بدون توقف هو إنها تستقبل أمواج ميكروويف من محطة أرضية ومدار تحليق الطائرة يقع في مجال تأثير مولد أمواج الميكروويف، زودت الطائرة بأنتينا على شكل قرص دائري لتلتقط أمواج الميكروويف وتحولها إلى تيار كهربي مستمر.
ولهذا كانت الطائرة تستمد طاقتها من خلال تحليقها المستمر في مجال تأثير أمواج الميكروويف.
وطورت وكالة الفضاء ناسا مصدر بعيد المدى لتوصيل الطاقة الكهربية للطائرات بدون طيار. كما طور مركز طيران الفضاء مارشال طائرات تعمل خلايا فوتوفوتك يتم تزيدها بالضوء من مصدر ليزر غير مرئي يعمل بالأشعة تحت الحمراء. وتقنية الفوتوفولتيك تحتاج إلى اتصال مباشر بينها وبين مصدر الليزر وهذه التقنية تم التفكير فيها في المصاعد الفضائية كمصدر لنقل الطاقة الكهربية لهذه المصاعد.

وتعتبر الانتينا عنصرا مهما في تطبيقات نقل الطاقة اللاسلكية، وهذه الانتنا مصممة من دايود من مادة شبه موصلة متراصة في شكل مصفوفة ولها قطبية موجبة وسالبة وتقوم بعملها على النحو التالي:
1- تصل أمواج الميكروويف والتي هي عبارة عن جزء من الطيف الكهرومغناطيسي الانتينا القطبية.
2- تقوم الانتينا بتجميع طاقة الميكروويف وتحولها إلى الديودات.
3- تقوم الديودات بعمل المفاتيح الكهربائية لتفتح وتغلق كبوابة تسمح للالكترونات بالحركة في اتجاه واحد فقط لتصل إلى دائرة كهربية.
4- توجه الدائرة الكهربية سيل الالكترونات إلى النظام الذي يحتاج إلى التيار الكهربي.

ومن الأفكار العملية لنقل الطاقة الكهربية لمسافات كبيرة الاقتراح الذي تقدم به العالم ديفيد كريسويل من جامعة هيوستن حيث يتضمن الاقتراح استخدام أمواج الميكروويف لنقل الكهرباء إلى الأرض من محطات توليد على سطح القمر. حيث تستقبل هذه الطاقة أجهزة استقبال خاصة تحتوي على أنتينا تحولها إلى تيار كهربي.
وهذا الاقتراح ينطوي على الكثير من الصعوبات التي يجب أن تذلل وتحل فمثلا لاستقبال أمواج الميكروويف من مولدات على سطح القمر يتطلب وجود مستقبلات ضخمة على سطح الأرض لاستقبال هذه الأمواج بكفاءة عالية حيث تم التفكير في صنع أنتينا في صورة شبكات ضخمة لتسمح بمرور ضوء الشمس والأمطار وهذه الانتينات توفر مصدرا للطاقة محافظا للبيئية ولكن هناك الكثير من العقبات مثل الحاجة إلى وجود وحدة صيانة ومتابعة للمحطة الرئيسية على سطح القمر، كما أن المنطقة المستفيدة من هذه الطاقة الكهربية الصادرة من القمر هي تلك التي تقع على الخط الواصل بين القمر والأرض، أضف إلى ذلك مخاوف الناس من وجودهم في حيز من أمواج الميكروويف مما يجعلهم يرفضون استخدام هذه الفكرة كما يحدث عندما تقوم شركات الجوال بإقناع أهل المنطقة بأهمية وجود محطة تقوية لأجهزة الجوال.
عن موقع معهد ماساسوشيتس